تأثير الحسد على الحاسِدْ
The effect of envy on the envious
الحسد أول خطيئة ظهرت في السماوات فقد استكبر إبليس عن السجود لآدم عليهِ السلام حسدًا له ولِذُريتِهْ، وهو أول معصية حدثت في الأرض بين أبناءِ آدم حينما قتل قابيل شقيقُهُ هابيل حسدًا له وغيرةً مِنهْ.
فما هو مفهوم أول خطيئة ومعصية حدثت في السماواتِ والأرض ؟
مفهوم الحسد (The concept of envy):
هو أن يتمنى الحاسد بصورة عامَّة زوال النعمة أو سلبِها أو أن تتحول إليهِ النعمة من الشخص الذي يحسُدُهُ، وقد عرَّف بعض العُلماء مفهوم الحسد كالتالي :
قال الجرجاني رحِمَهُ الله: {الحسد تمنِّي زوال نعمة المحسود إلى الحاسِدْ}.
قال الكفوي رَحِمَهُ الله : {الحسد اختلاف القلب على الناس ؛ لكثرة الأموال والأملاكْ}.
قال الطاهر بن عاشور رَحِمَهُ الله: {الحسد: إحساس نفسي مُرَّكَّب من استحسان نعمة في الغير، مع تمنِّي زوالها عنه؛ لأجل غيرة على اختصاص الغيرْ بتلك الحالة، أو على مُشاركتِه الحاسِدْ}.
أعراض الحسد (Symptoms of envy):
قد لا تظهر جميع أعراض الحسد على المحسود بل قد يظهر بعضُها فقط، وتنقسِمْ أعراض الحسد إلى ثلاثة أقسام رئيسية كَـالتالي :
إذا وقع الحسد على النفس : يُصاب المحسود بشئ من أمراض النفس، وذلك مثل: الصدود عن الذهاب إلى الكُلِيَّة أو المدرسة أو العمل، أو الصدود عن تلقِي العلم ومُدارستِه واستِذكارِه وتحصيلِهْ واستيعابِه حيثُ تقِلْ درجة ذكائِهْ وحفظِهْ، وقد يُصاب المحسود بميّل إلى الإنطواء والانعِزال والابتعاد عن مُشاركة الأهل في المعيشة؛ بل قد يشعُرْ الشخص المحسود بعدم حب ووفاء وإخلاص أقرب وأحبّ الناس إليه منْ ذويهْ، وقد يجِدْ في نفسِهِ أحيانًا ميلًا إلى الإعتداء على الآخرين، وقد يُصبِحْ العِنادْ من طبعِهْ، وقد يميل إلى عدم الإهتمام بمظهِره أو ملبسِهْ، ولا يألفُه أهله وأصحابُهْ وأحبابه، ويُسيطِرْ عليهِ الإحساس بالضيق ويشعُرْ بالإختناق، ويُصبِحْ لا يستقِرْ لهُ حال أو فِكرْ أو مقال.
إذا وقع الحسد على البدن: وهو من أشدّ أنواع الحسد الذي قد يجعل المحسود يُصاب بنوع من الخمود والخمول والكسل والهُزال و قِلّة الشهيّة وكثرة التنهُدْ والتأوْه وبعض الأوجاع والأمراض التي قد لا يجِدْ المحسود شِفاءًا لنفسِهِ منها.
إذا وقع الحسد على المال، وذلك مثل: أن يُصاب المحسود بارتباك وضِيق في التعامُلْ مع غيرِهْ بشأن المال، وقد يُصاب بالتشتُتْ في إعداد وتصنيع أو جلب وعرض البضائِعْ للتداوُلْ، وقد تتعرَّض البضائِعْ للتلف وتُخَيَّم على حركة البيع سحابة من الركود والكساد، ويضيق صاحب المال المحسود ذرعًا ولا يقبل التحدث عنهُ أو العمل من أجلِهْ.
مراتِبْ الحسد (Ranks of Envy):
الحسد قد قيدَّهُ اللهُ سبحانه وتعالى بقولِه: (إذا حسد) (الآية 5 : سورة الفلق) ؛ لأن الشخص قد يكون عنده حسد، ولكن يُخفِيه، ولا يُرَّتَِب عليهِ أذى بوجهٍ ما، لا بقلبِهْ، ولا بلسانِه، ولا بيدِه، بل يجِدْ في قلبهِ شيئًا من ذلك ولا يُعامِلْ أخاه إلا بما يُحبُه الله ، فهذا لا يكاد يخلو منهُ أحد إلا من عَصِمَهُ الله؛ لذلك فإن مراتِب الحسد تكون ثلاثة على النحو التالي :
حسد المؤمن؛ فقد قيل للحسن البصري رحمهْ الله : {أيحسد المؤمن ؟، قال : ما أنساكَ لإخوةُ يوسُف}، فالمؤمن لا يُطيع تلك القوة الكامنة في قلبِه ولا يأتمِرْ بها في أن تجعلَهُ يكره نعمة الله على عِبادِه؛ فيرى ذلك مُخالفة لله وبغضًا لما يُحب الله ومحبةً لما يُبغِضُ ؛ فهو يجاهد نفسه على دفع ذلك الحسد، ويلزمها بالدعاء للمحسود، وتمنِّي زيادة الخير له، بخلاف ما إذا حقق ذلك وحسدُهْ.
تمني استصحاب عدم النعمة، فهو يكره أن يُحدِثْ الله لعبدِهْ نِعمة، بل يجِبْ أن يبقى المحسود على حالِه من جهلِه، أو فقرِه، أو ضعفِه، أو شتات قلبِه عن الله، أو قِلَّة دينِه؛ فهو يتمنَّى دوام ما في المحسود من نقص وعيب، فهذا حسد على شئ مُقدَّرْ، والأول هو حسد على شئ مُحقق؛ وكلاهُما حاسِدْ؛ يكون عدو نعمة اللهِ تعالى، وعدو عباده، فهو ممقوتٌ عند الله ، وعند الناس، ولا يسُودُ أبدًا؛ فإن الناس لا يُسَّوِّدُوا عليهِمْ إلا من يُريد الإحسان إليهِمْ، فأمَّا عدو نعمةَ اللهِ عليهِمْ فلا يُسَّوِّدُونَهُ باختيارِهمْ أبدًا إلا إن كانت سِيادتِهِ عليهِمْ قهرًا فإنهم يُعِدُون ذلك من البلاءِ والمصائِب التي ابتلاهم اللهُ بها؛ فهم يُبغِضونَهُ وهو يُبْغِضُهُم.
حسد الغبطة، وهو أن يتمنى الحاسِدْ أن يكون لهُ مثل المحسود من غير تمنِّي زوال النِعمة عنهُ، وهذا لا بأس بِه؛ بل إنَّهُ قريبٌ من المُنافسة في الطاعاتِ وعمل الخير؛ فقد قال اللهُ تعالى: (وفي ذلكَ فليتنافس المُتنافِسون) (الآية 26 : سورة المُطففين)، وقد أخرج الشيَّخان في صحيحِيّهِما؛ عن عبدُ الله بن مسعود رضيَّ اللهُ عنه ؛ عن النبيَّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ؛ قال: (لا حسد إلا في اثنتيّن: رجلٌ أتاهُ اللهُ مالًا فسلَّطهُ على هلكتِهِ في الحقّ، ورجلٌ أتاهُ للهُ الحِكمة، فهو يقضِي بها ويُعلِمُها للناس)؛ فهذا هو حسد الغِبطة الذي يكون حامله ذا حُبّ لِخصال الخير، وذا رغبة للتشبُهْ بأهلِها والدخول في جُملتِهِمْ؛ فيحدُثْ لهُ شيئًا من ارتفاعْ الهِمة والمُسابقة والمُسارعة في الخيرات مع تمني دوام نعمة اللهِ تعالى عليهِ وعلى غيرِهْ.
من هو الحاسِدْ (Who is the envious):
الحاسِدْ: هو من يُعينُهُ الشيطان وإن لم يستعِن بِهِ هو؛ فالحاسِد هو نائب الشيطان وخليفتِه؛ لأنّ َكِليهِما عدو نِعمة الله ومُنَغِصُها على عِبادِهْ؛ وما يزيدُ الحاسِدْ بغيًا إلا بتزيين الشيطان لهُ عملهُ الفاسِدْ.
تأثير الحسد على الحاسِدْ (The effect of envy on the envious):
تأثير الحسد على الحاسِدْ دينيًا (The effect of envy on the envious from religious point of view):
روى التِرمِذِيّ في سُننِه؛ عن أبي هُريرة رضيَّ اللهُ عنه: عن النبيّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمْ، قال (إيَّاكُم والحسد، فإن الحسد يأكُلْ الحسنات كما تأكُلْ النار الحطب) ؛ فالحسد يُفني ويُذهِبْ طاعات الحاسد أيّ كما تأكُلْ النار الحطب؛ وذلك لأن الحسد يُفضِي بصاحِبِهِ إلى اغتياب المحسود؛ فيزيد المحسود نعمة، ويزيد الحاسِدْ حسرة؛ وذلك لأن حسنات الحاسِدْ تُتَلَفْ عليه بأن يُحَّمِلَهُ اللهُ تعالى ما فعل بالمحسود من إتلاف مال، وهتك عرض، وقصد نفس؛ وذلك ما يقتضِي صرف تلك الحسنات بأسرِها في عِرضِهْ فإن انتهت حسنات الحاسِدْ طُرِحَ عليهِ من سيئات المحسود ما يُوازي وِزرَ ما فعل؛ ودليلُ ذلك ما أخرجهُ مُسلِمْ في صحيحِه؛ عن أبي هُريرة رضيَّ اللهُ عنه ؛ أن النبيّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّم، قال: (أتدرون ما المُفلِسْ ؟، قالوا: المُفلِسْ فينا من لا درهمَ لهُ ولا متاع، فقال: إن المُفلِسْ من أمتِي يأتي يوم القيامة بصلاة، وصيام، وزكاة، ويأتِي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطِي هذا من حسناتِهْ، وهذا من حسناتِهْ، فإن فَنِيَتْ حسناتِهْ قبل أنْ يُقضى ما عليهْ أُخِذَ من خطاياهُمْ فطُرِحَتْ عليهْ، ثُمَّ طُرِح في النار)، فالحاسدْ والمُفلِس كلاهُما سواء قد أحبطا الطاعات باقتراف المعاصي فتآكلتْ حسناتُهم رويدًا رويدًا حتى هلكو إنْ لمْ تُدركهُم رحمةِ الله.
تأثير الحسِدْ على الحاسِدْ نفسيًا وعُضوِيًا (The effect of envy on the envious psychology and organically):
يجِدْ الحاسِدْ في نفسِهِ حسرة لا يجِدْ لها انتهاء، وسِقامًا لا يجِدْ لهُ شِفاء؛ فالحسد داء الجسد.
عدم الرضا بالقضاء يجعل الحاسِدْ دائِمْ الفِكر والبال فيما لا يستطيع إليهِ سبيلًا إذا استمر في حسدِهْ.
دوامة الفِكرْ التي يضعْ بها الحاسِدْ نفسُه تجعلُهُ عُرضة لشتَّى ألأمراض والأوجاع.
الحاسِدْ لا يشبع فمهما أتاهُ الله؛ يحسُدْ غيرهُ من الناس إن حصلَ لهم شيئًا من نِعمِ الله؛ وقديمًا فد قالوا لنا: {البحر يُحِب الزيادة}؛ أيّ لا يكفيهِ ما اتسَّع إليه بل يطلُب المزيد دائِمًا.
تأثير الحسد على الحاسِدْ في الحياة الوظيفية (The effect of envy on the envious in career):
الحسد هو المفهوم العكسي للقناعة؛ فالحاسِدْ إذا عُرِفَ وظهر طبعُه يكن غير محبوبًا بين الناس؛ وبالتالي لا يجِدْ من يُرَّحِبْ بِه في الحياة العملية.
الحاسِدْ لا يقتنع ولا يرضى بما اختارهُ الله له؛ فمهما أتاهُ الله من عُلوّ في المنصِب يشعُرْ نفسُهُ قليلًا وصغيرًا بين الناسْ؛ وذلك لما في مكنون نفسه من أعمالٍ ونوايا سيئة لمن حولُهْ.
الحاسِد غير ناجِحْ وغير مُوَّفَّقْ في عملِهْ بكل الأحوال فهو ذا منزلة منخفِضة لا ترتقي أبدًا؛ وذلك لانشغال فِكرِهِ الدائم بأعمال من حولُهْ وإهمالِهْ لِما عليهِ من واجِباتْ.
تأثير الحسد على الحاسِدْ في المُجتمع (The effect of envy on the envious in society):
الحاسِدْ ليس لهُ قرين أو صاحِبْ.
الحاسِدْ يخاف الناس من صُحبتِهْ.
الحاسِدْ تكُنْ حياتُهُ انطوائية بين الناسْ.
الحاسِدْ ليس لهُ من يُزَّكِيهْ بين الناسْ؛ وذلك لانعدام سِيرتُهُ الحسنة.
الحاسِدْ لا يَسُودُ ولا يتَّزَّعم أبدًا؛ فالناس لا يُسوِّدون عليهِمْ من يُبغِضونه أبدًا إلا إذا أُكرِهوا على ذلك.
الحاسِدْ أحد المرضى النفسيين الذين إن لم يُعالجوا في الوقت المناسب؛ قد يؤدي بالمُجتمعْ إلى التهلُكة؛ فإذا تفاقم حسد الحاسِد قد يؤدي إلى السرقة والظُلم والبغيّ والعُدوان؛ بل حتى قد يصِلْ الأمر إلى إزهاق الأرواح في أسوء الأحوالْ.
سبُلْ وِقاية المحسود من شر الحاسِدْ (Ways to protect the envied from the evil of the envier):
الإقبال على الله، والإخلاص له، وجعل محبة الله ورضاه والإنابة إليه في محلّ خواطِرْ النفس وأولوياتِها؛ وذلك حتى تبقى الخواطِرْ والهواجِسْ والأمانِي كُلَّها مُتعلِقَة بالله تعالى.
تجريدْ التوبة إلى اللهِ تعالى من الذنوب؛ فإن اللهَ تعالى يقول: (وما أصابكم من مُصيبةٍ فبما كسبت أيديكُمْ) (الآية 30 : سورة الشورى)، وقال لخير الخلق بعد ألأنبياء وهُمْ أصحاب النبيّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّم: (أولمَّا أصابتكم مصيبة قد أصبتُم مثليّها قُلتم أنَّى هذا قل هو من عندِ أنفسِكُمْ) (الآية 165 : سورة آلِ عِمران)؛ فما سُلِّطَّ على العبد من يؤذيه إلا بذنب يعلمُهُ أو لا يعلمُهْ، وما لا يعلمُهُ العبد من ذنوبِهْ أضعاف ما يعلمُهُ منها، وما ينساه مما عَمِلُه أضعاف ما يذكُرُه؛ ولهذا فقد قال النبيّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّم: (اللهُمَّ إني أعوذُ بك أنْ أُشرِكَ بكَ وأنا أعلم ، وأستغفِرُكَ لما لا أعلم) (أخرَجهُ البُخاري في الأدب المُفرَدْ عن أبي بكرٍ الصدِّيق رضيَّ اللهُ عنه).
أن يتعوَّذْ المحسود من شر الحاسِدْ، وأن يتحصَّن بالله ويلجأ إليه، فالله سُبحانه سميع عليم بصير بما يتعوَّذْ منهُ المحسود.
تقوى الله وحفظِهْ عند أمرهِ ونهيه؛ فمن اتقى الله وتولّى الله حفظِه لم يكِلهُ إلى غيرِه؛ وقد قال الله تعالى: (وإن تصبروا وتتقوا لا يضرُكُم كيدهم شيئًا) (الآية 120 : سورة آلِ عِمرانْ).
الصدقة والإحسان لِما لها من تأثير في دفع البلاء، ودفع العين وشر الحسد؛ فالمُحسِنْ المُتصدِّقْ عليهِ من الله حُلًّة واقية وحصن حصين؛ فالشُكرْ حارِسْ النِعمة من كُلِ ما يكون سببًا لزوالِها.
أن يصبِرْ المحسود على حاسِدِه، فلا يُقاتلهُ أو يشكوه؛ فما نُصِرَالمحسود على حاسِدِهِ بمثل الصبر عليهِ والتوكُل على الله، فقد قال اللهُ تعالى: (ادفعْ بالتي هي أحسنْ السيئة فإذا الذي بينكَ وبينهُ عداوة كأنَّهُ وليٌ حميم) (الآية 34 : سورة فُصِّلَّتْ).
التوكُلْ على الله؛ فمن يتوكل على الله فهو حسبُه؛ فالتوكُل من أقوى الأسباب التي يدفع بها العبد ما لا يطيق من أذى الخلق وعُدوانِهمْ وظُلمِهم؛ فإن الله حسب العبد: أيّ كافيه، ومن كان الله كافيه وواقيه فلا مطمع فيه لعدوِّه؛ وقد قال الله تعالى : (ومن يتوكل على الله فهو حسبُهْ) (الآية 3 : سورة الطلاق).
فراغ القلب من الاشتغال بالحاسِدْ والتفكير فيه؛ فيُحاوِلْ المحسود أن يمحوه من بالِه كلما خطر له فلا يلتفِت إليه، ولا يخافه، ولا يملأ قلبُهْ بالفكر فِيه.
من أقوال السلف والعُلماء في الحسد (Some of the sayings by the predecessors and scholars about envy):
قال مُعاوية بن أبي سُفيان رضيَّ اللهُ عنهما: {كل الناس أستطيع أنْ أرضيه إلا حاسِدْ نعمة، فإنه لا يُرضِيه إلا زوالها}.
قال ابن سيرين رحمهُ الله: {ما حسدتُ أحدًا على شئ من أمر الدنيا؛ لأنَّهُ إن كان من أهل الجنة، فكيف أحسدهُ على الدنيا، وهي حقيرة في الجنَّة ؟! وإن كان من أهل النار، فكيف أحسدهُ على أمر الدنيا، وهو يصير إلى النار ؟!}.
قال الحسن البصري رحمهُ الله: {ما رأيتُ ظالِمًا أشبه بمظلوم من حاسِدْ نفس دائم، وحُزن لازم، وغمّ لا ينفذْ}.
قال أبو حاتِمْ رحمِهُ الله: {الواجِبْ على العاقِلْ مُجانبة الحاسِدْ على الأحوالِ كُلِها، فإن أهون خِصال الحسد هو ترك الرِّضا بالقضاء، وإرادة ضدّ ما حكم اللهُ جلَّ وعلا لِعبادِهْ، ثُمّ انطواء الضمير على إرادة زوال النِعَمْ عن المُسلِمْ، والحاسِدْ لا تهدأ رُوحُه، ولا يستريح بدنه إلا عند رؤية زوال النعمة عن أخيه، وهيهات أن يُساعِدْ القضاء ما للحُسَّادْ في الأحشاء، فالحسد من أخلاقِ اللئام، وتركِهْ من أفعال الكِرَامْ، ولكل حريق مطفأ، ونار الحسد لا تطفأ}.
قال أبو الليث السمرقندي رحمهُ الله: {يصِلْ إلى الحاسِدْ خمس عقوبات قبل أن يَصِلْ حسدِهْ إلى المحسود: أولاها: غمّ لا ينقطِع، والثانية: مُصيبة لا يؤجرْ عليها، والثالثة: مذمَّة لا يُحمَدْ عليها، والرَّابعة: سخط الرَّبْ، والخامسة: يُغْلَقْ عنه باب التوفيق}.
قال الجرجاني رحِمهُ الله: {كم من فضيلة لو لم تستترها المحاسِدْ لم تبرح في الصدور كامنة، ومنقبة لو لم تزعجها المنافسة لبقيَّتْ على حالِها ساكنة! لكنها برزت فتناولتها ألسُنْ الحسد تجلوها، وهي تظن أنها تمحوها، وتشهرها وهي تُحاوِلْ أن تسترها؛ حتى عثر بها من يعرِفْ حقَّها، واهتدى إليها من هو أولى بها، فظهرت على لِسانِهِ في أحسن معرض، واكتستْ من فضلِهِ أزيَّن ملبَسْ، فعادت بعد الخمول نابهة، وبعد الذبولِ ناضرة، وتمَّكنَّتْ من بِر والدها فنوَّهت بِذكرِه، وقدرت على قضاء حقِ صاحبها، فرفعت من قدرِه، قال اللهُ تعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم) (الآية 216 : سورة البقرة)}.
قال ابن المُعتز رحمه الله: {الحاسِدْ مُغتاظ على من لا ذَنبَ له، ويبخل بما لا يملكه، ويطلُب ما لا يجده}.
قال ابن حزم رحمهُ الله: {إن ذوي التراكيب الخبيثة يبغضون لشدة الحسد كل من أحسن إليهم، إذا رأوْهُ في أعلى من أحوالِهمْ}.
قال الخطّاب بن نمير السعدي رحمهُ الله: {الحاسِدْ مجنون؛ لأنَّه يحسد الحسن والقبيح}.
الكلمات المِفتاحِيّة (Keywords):
The effect of envy on the envious, The concept of envy, The envious, The envied, Symptoms of envy, Ranks of Envy, Who is the envious, The effect of envy on the envious religiously, The effect of envy on the envious psychology and organically, The effect of envy on the envious in career, The effect of envy on the envious in society, Ways to protecting the envied from the evil of the envier, From the sayings of the predecessors and scholars about envy.
تأثير الحسد على الحاسِدْ ، مفهوم الحسد ، الحاسد ، المحسود ، أعراضْ الحسد ، مراتب الحسد ، من هو الحاسِدْ ، تأثير الحسد على الحاسد دينيًا ، تأثير الحسدْ على الحاسد نفسيًا وعُضوِيًا ، تأثير الحسد على الحاسِدْ في الحياة الوظيفية ، تأثير الحسد على الحاسِدْ في المُجتمع ، سُبُلْ وِقاية المحسود من شرِّ الحاسِدْ ، من أقوال السلف والعُلماء في الحسد.