معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه
(Muawiyah bin Abi Sufyan)
نَسبه :-
هو معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤيّ بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان القرشي؛ رضي الله عنه وعن أبيه يلتقي نسبه مع النبي صلى الله عليه وسلم في عبد مناف، أما عن والدته فهي هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشية رضي الله عنها.
وُلِدَ رضي الله عنه في العام الخامس عشر قبل الهجرة النبوية في مكة، وقد روي أن رآهُ أحد أهل الفراسة؛ فقال لِـ هند رضي الله عنها: إنني أتوسم في ابنك أن يسود قومه؛ فقالت: ثكِلَتهُ أمه إن لم يَسُد العرب قاطبة.
نشأ في كنف أسرة بني أمية وهي بطن من بطون قريش الغنية عن التعريف وإليها كانت ترجع زعامة قريش وسيادتِها.
إسلامه :-
أسلم رضي الله عنه قبل فتح مكة حسب أغلب المصادِرْ، وقد رُوِيَّ أنه أخبر أمه هند بإسلامِه فأخبرته أن يَلزم أبيه حتى عام فتح مكة؛ فأظهر إسلامِه مع أبيه رضي الله عنهما ، وقد رُوِي في الطبقات الكبرى عن معاوية رضي الله عنه أنه قال: «لما كان عام الحديبية صدت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيت ودافعوه بالراح وكتبوا بينهم القضية، وقع الإسلام في قلبي، فذكرت ذلك لأمي هند بنت عتبة فقالت: إياك أن تخالف أباك، أو أن تقطع أمرا دونه فيقطع عنك القوت، فكان أبي يومئذ غائبا في سوق حباشة قال: فأسلمت وأخفيت إسلامي، فوالله لقد دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية إني مصدق به، وأنا على ذلك أكتمه من أبي سفيان، ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عام عمرة القضية وأنا مسلم مصدق به، وعلم أبو سفيان بإسلامي فقال لي يوما: لكن أخوك خير منك، فهو على ديني، قلت: لم آل نفسي خيرا. وقال: فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عام الفتح فأظهرت إسلامي ولقيته فرحب بي.».
مكانتِهِ في الإسلام :-
هو من بيتٍ عظيم الشأن في الإسلام فهو خال المؤمنين رضي الله عنه فَأخته هي أم المؤمنين أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، وهو أحد كُتّاب النبيّ صلى الله عليه وسلم وقيل أنَّه من كتاب الوحيّ فكان الأمين المؤتمن لدى النبيّ صلى الله عليه وسلم في تدوين الوحيّ من الكتاب والسنة.
وبما أنَّه رضي الله عنه أسلم مع أبيه مُتأخرًا فقد شهد المشاهد القليلة من غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم التي حدثت بعد فتح مكة وهي: غزوة حُنين والطائف، غزوة تبوك.
كان معاوية رضي الله عنه من أوائل الصحابة الذين غزوا مع المسلمين في البحر لأول مرة، وقد روى البخاري وأحمد والترمذي والطبراني عن عُمير بن سعد رضيّ الله عنه أنه قال: لا تذكروا معاوية إلا بخير فإني سمعت رسول الله يقول: «اللهم اجعله هادياً مهدياً واهد به».
وعن أبي بكر المروذي قال : قلت لأبي عبد الله – أحمد بن حنبل - أيما أفضل معاوية أو عمر بن عبد العزيز ؟ فقال : معاوية أفضل ، لسنا نقيس بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحداً ، قال النبي صلى الله عليه وسلم " خير الناس قرني الذي بُعثت فيهم " .
إِمارته :-
اتفق الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم بالإجماع على سيادة معاوية رضي الله عنه بتأمِيره على الشام؛ فأول ما كان من إمارته هو أن أرسله أبي بكر الصديق رضي الله عنه أميرًا ومددًا على جيش تابع لأخيه الأكبر أحد أمراء الشام وقتها يزيد بن أبي سُفيان رضي الله عنه، وشارك حينها في معركة اليمامة وفتح صيدا وعرقة وجنوب لبنان وبيروت.
استمرّ رضي الله عنه في جيش الشام تحت قيادة أخيه يزيد رضي الله عنه حتى أتى طاعون عمواس عام 21هـ الذي قد قيل أنَّه قد قضى نحو ثلاثين ألفًا نحبهم من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن كانوا في الشام آنذاك، وقد قضى فيمن مضى يزيد بن أبي سُفيان رضي الله عنه، ولمَّا بلغ أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه خبر وفاة يزيد أمَّر معاوية رضيَّ الله عنه مكانه.
وما إن أتت خلافة عثمان رضي الله عنه حتى ضمَّ إلى معاوية الشام كلها، فكان أميرًا على الشام زُهاء العشرين عامًا؛ فثَبتَ أركان دولة الإسلام في الشام، وكان من أهم ما سنَّه حملات الصوائف والشواتي وهي حملات عسكرية منتظمة لحماية الحدود الإسلامية من دِول الجوار المُعادية للدولة الإسلامية الناشئة ، وكان له الفضل رضي الله عنه في بداية تكوين الأسطول البحري للدولة الإسلامية.
وفي أواخر عهد عثمان رضي الله عنه تجمَّع المنافقون محاصرين لبيته في المدينة حتى ينزعوا عنه قميص الخلافة؛ فأبى رضيَّ الله عنه عملًا بوصية النبيّ صلى الله عليه وسلم أن لا ينزع عنه قميص الخلافة الذي ألبسه الله إياه حتى يلقاه على الحوض، وقد خرج عثمان رضي الله عنه يعِظ أهل النفاق ويذكرهم بالله و بما أخبرهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبوا واستمروا على غِيّهِم؛ فقال لهم عثمان رضي الله عنه كما ذكر ابن كثير في البداية والنهاية: فوالله لئن قتلتموني لا تحابون بعدي أبدا ، ولا تصلون بعدي جميعا أبدا ، ولا تقاتلون بعدي عدوا جميعا أبدا .
وقد صدق عثمان فما إن استشهد رضي الله عنه حتى ظهرت الفتن وانقسم المسلمون لِـ شيّعًا و طوائف ولم يجتمعوا أبدًا حتى يومِنا هذا.
وما إن فرغ أهل المدينة من دفن عثمان رضي الله عنه ذهبوا إلى عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه يطلبونه للخلافة؛ ولم يكن آنذاك كائنِ على وجه الأرض هو خير منه وأحقّ منه بالخلافة.
الخلاف بين عليّ ومعاوية رضي الله عنهما (The dispute between Ali and Muawiyah):-
لم يكن سبب الخلاف بين عليّ ومعاوية رضيَّ الله عنهما عن الخلافة؛ وذلك لأن معاوية رضي الله عنه يعلم يقينًا بأن عليّ رضي الله عنه أحقّ منه بذلك لما له من السبق والبذل في تاريخ الدعوة الإسلامية بالإضافة لِمكانتِه وقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم والعشرة المبشرين بالجنة، ولم يكن عليّ رضيَّ الله عنه يُنازِع معاوية في ولايتهِ للشام و إمارتِه عليها فهو يراهُ خليقًا بها.
إذا؛ ما سبب الخلاف؟
ما إن استشهد عثمان رضي الله عنه حتى طالب معاوية بصفتِه وليّ دمِه القصاص من قتلة عثمان ومعهُ بعضًا من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل: الزبير وطلحة رضي الله عنهما بالإضافة إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
ورأي عليّ رضي الله عنه تثبيت أركان دولة الإسلام أولًا التي وصل فيها المنافقون قتلة عثمان إلى مفاصلِها، وما إن يتم الوصول إليهم حينها يتم الإقتصاص من قتلة عثمان رضيَّ الله عنه.
فكانت أكبر فتنة في تاريخ الإسلام حيث اقتتل المسلمون لأول مرة لمدة خمس سنواتٍ مُتتالية؛ حتى اُستشهِد عليًّا رضيَّ الله عنه في فجر يوم 21 رمضان عام 40هـ ، ثم تولى خلافة المسلمين الحسن بن عليّ رضيّ الله عنهما الذي قال عنهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم كما وُرِدَ في صحيح البخاري: (إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين).
انتهت دولة الخلافة الراشدة التي أخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها ثلاثون سنة بالستة أشهر التي تولاها الحسن بن علي رضيّ الله عنهما بعد استشهاد أبيه، فقد رأى الحسن قدر دِماء المسلمين التي نزفت فآثر الابتعاد والتنازل عن الخلافة على شروطِ تخدِم عامة المسلمين لصالِح معاوية رضي الله عنه.
ومن هنا يبدأ تاريخ عهد الدولة الأموية وأول ملوك دولة الإسلام معاوية رضيّ الله عنه.
أول ملكٍ في الإسلام (The first King in Islam):-
بعد أن استتب لِـ معاوية رضيّ الله عنه أركان حكم دولة الإسلام استطاع أن يُسَكِن النفوس الثائرة منذ استشهاد عثمان رضي الله عنه؛ وذلك بِإشغال المتصارعين بالمشاركة في تسيير وبناء الجيوش التي استمرَّت في توسيع رقعة الدولة الإسلامية ، وقام معاوية رضي الله عنه بتوسيع الأسطول البحري الذي ابتدأه في عهد عثمان رضي الله عنه حتى تحوّل أغلب البحر الأبيض المتوسط إلى بُحيرة إسلامية.
أنشأ معاوية رضي الله عنه العديد من الدواوين المركزية مُضيفًا بذلك على الدواوين التي أنشأها عمر رضي الله عنه في خلافته، ومِن تلك الدواوين: ديوان الرسائل، وديوان الخاتم، وديوان البريد؛ بالإضافة إلى نظام الكَتبة الذي يعمل على تعيين الكُتّاب لمختلف دواوين الدولة.
عَمِلَ معاوية رضي الله عنه على تنظيم البريد بجعلِه على مراحل ومحطّات حتى تصِل الأخبار من وإلى كافّة أقطار الدولة بشكل أسرع وأوثق.
كان معاوية رضيّ الله عنه أول من اتخذ حاجِبًا في الإسلام، وهو أول من اتخذ الحرس في الدولة الإسلامية فقد كان الإغتيال هو سنة الفِرقّ الإسلامية الضالّة آنذاك، وقام بِـنشر الشرطة لتوطيد الأمن والنظام.
اشتهِرَ معاوية رضي الله عنه بالحِلم والبلاغة؛ وعُرِفَ عنه استخدام سياسة الشدة واللين زُهاء العشرين عامًا التي قضاها في خلافة المًسلمين.
وفاته :-
مكث معاوية رضي الله عنه 20 عامًا أميرًا على الشام وقضى مثلها في الخلافة، وكان مما صالح عليه الحسن رضيَّ الله عنه أن تكون الخلافة للحسن من بعده ولكن توفيّ الحسن رضي الله عنه عام 49هـ.
وما إن أحسّ معاوية الله عنه بِدُنو الأجل عَهِدَ بالخلافة إلى ابنهِ يزيد، وتوفي معاوية رضي الله عنه عام 60هـ عن عُمرٍ ناهز الـ 80 عامًا في دمشق.
الكلمات المفتاحية (Keywords):-
Islam, Mohamed may God bless him and grant him peace, Companions of the Messenger of God, The family of the Messenger of God, Uncle of the believers, The writers of revelation, The first King in Islam,
Muawiyah bin Abi Sufyan, Ramla bint Abi Sufyan, Abu Sufyan Sakhr ibn Harb, Hind bint Utbah, Yazid bin Abi Sufyan, Abu Bakr Al-Siddiq, Omar bin Al-Khattab, Uthman bin Affan, Ali bin Abi Talib, The dispute between Ali and Muawiyah, Al- Hasan bin Ali.
الإسلام، محمد صلى الله عليه وسلم، صحابة رسول الله، آل بيت رسول الله، خال المؤمنين، كُتَّاب الوحيّ، أول ملك في الإسلام، معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، رملة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، أبو سفيان صخر بن حرب رضي الله عنه، هند بنت عتبة رضي الله عنها، يزيد بن أبي سفيان رضي الله عنه، أبو بكر الصديق رضي الله عنه، عمر بن الخطاب رضيَّ الله عنه، عثمان بن عفَّان رضي الله عنه، علي بن أبي طالب رضيّ الله عنه، الخلاف بين عليّ ومعاوية رضي الله عنهما، الحسن بن عليّ رضيّ الله عنه.