الميراث في الإسلام
Inheritance in Islam
مهما اختلفت الثقافات وتعددت اللهجات أصبحت محاكم الأسرة تضج يوميًا بشتى النزاعات الأسرية والعائلية سواء قضايا الميراث أو قضايا الإنفصال بين الزوجين، ولأن رحمة الله تعالى بعباده وسعت كل شئ أنزل إليهم تشريعات ربانية تفصل بين كل أمور حياتهم في الدنيا والآخرة.
ومن تلك التشريعات والأحكام : قوانين الميراث في الإسلام ، وبما أن الحقوق المالية عصبة من أساسيات الحياة للمأكل والمشرب والملبس وهي موطن ومنبع خصب للنزاعات بين البشر ، تكفَّلَ الله عز وجل فقام بتقنين وتشريع أمور الميراث إلى أدق التفاصيل وأعطى كل ذِي حقٍ حقه ولم يحرم أحدًا وأنزل الناس منازلهم ، ولم يجعل الحكم بين البشر من البشر عن أكثر ما يتم تنازُعهم واقتتالهم عليه طوال مسيرة الحياة الدنيا.
ففي العهود الغابرة كان يتم اعتبار المرأة كـ شئ يتم توارثه مثل الأموال والأملاك دون أدنى إنسانية في التعامل معها كبشر له كرامة وحقوق وواجبات على المجتمع الذي يعيش فيه ، وكأن من يعاملها كذلك لا يفقه أن بدون المرأة لن يتم ولادة النصف الآخر أيّ الذكور التي كانت قوانين البشر الوضعية تُحَكِّمُهُ وتعطيه كل شئ في الميراث ، لكن الله تعالى أنزل قرآنًا يُتلى إلى يوم الدين يُحَرِم فيه أن يتم توارث المرأة ومعاملتها بازدراء واحتقار ، قال تعالى : (يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهًا ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا) "الآية 19 : سورة النساء".
إذًا الإسلام حفظ للمرأة حقوقها وصان كرامتها ، بل وذكر مقدار كل فرد في العائلة ونصيبه من حقوق الميراث فلم تغفل التشريعات عن الآباء والأمهات والأبناء والأجداد وذوي العصبة وذوي الأرحام ، ولو اتبع البشر القوانين الربانية التي وضعها رب البشر ولم يقوموا بوضع دستور وضعيَّ ما كنا لنشهد ضجيج النزاعات العائلية عن قضايا الميراث في المحاكم الأسرية حتى يومنا هذا.
ما هو الميراث ؟ (What is Inheritance):
هو شئ مادي يُقَدرْ بثمن قابل للقسمة ، يتم إثباته لمستحقه عند موت مالكه وذلك لوجود صلة أو قرابة بين المالك والمستحق ، ويَحرُم تأخيره وعدم إعطائه لمستحقيه.
أركان الإرث (Pillars of legacy) :
الوارث حسب درجات القرابة.
المورث صاحب المال.
مال الإرث.
أسباب استحقاق الإرث (Reasons for entitlement to inheritance):
النكاح: عقد الزوجية الصحيح ، فإذا مات أحد الزوجين ورث منه الآخر.
الرحم والنسب: قال تعالى (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن الله بكل شئ عليم) "الآية 75 : سورة الأنفال" ، فالرحم هو كل من كان له صلة قرابة بالمتوفي سواء كانت بعيدة أم قريبة.
الولاء : مثل ولاء العبد لمن أعتقه ، فإذا مات العبد المعتَق وخلَّفَ مالًا وليس له وارث ؛ حينئذٍ يرثه من أعتقه وإن مات المُعْتِق ينتقل الإرث إلى العُصبة بالنفس لذوي المعتق ، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (الولاء لُحمة كلُحمة النسب لا يُباع ولا يُوهب) "حديث صحيح حدَّثه الألباني وأخرجه الشافعي والحاكم وابن حبان".
تقسيم الإرث وفق الشريعة الإسلامية (Division of inheritance according to Islamic law) :
أول ما يتم إخراجه من مال الميت هو تكلفة الكفن والدفن ، ثم يتم تقضية ديون الميت لله عز وجل من أموال زكاة و كفارات ونذور وفريضة الحج ، ثم يتم تقضية الميت للناس مثل القروض والأمانات ، ثم يتم إخراج وصية الميت إن كتبها ويتم تنفيذها ، بعد تنفيذ ما ذكرناه سابقًا يتم تقسيم باقي الأموال بين ورثة الميت وهم على 3 أصناف اعتبارًا بمبدأ الأولى فالأولى .
قال تعالى : (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبًا مفروضًا) "الآية 7 : سورة النساء".
أولًا أصحاب الفروض:
قال تعالى : (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساءًا فوق اثنتين فلهن ثُلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحدٍ منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس من بعد وصية يوصي بها أو دين آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعًا فريضة من الله إن الله كان عليمًا حكيمًا [11] ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين وإن كان رجل يورث كلالة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث من بعد وصية يوصي بها أو دين غير مضار وصية من الله والله عليم حليم [12]) "سورة النساء".
إذًا هي 6 فروض قَدّرها الله تعالى في القرآن :-
النصف : وهم على خمس حالات في الميراث بالإجماع :-
الزوج : يرث النصف شرط إن لم يكن لزوجته ولد أوبنت سواء من زواجها منه أو من آخر.
البنت الواحدة : شرط إن لم يكن لها أخت أو أخ ، فإن كان لديها أخ فإن للذكر مثل حظ الأنثيين.
بنت الابن : ترث النصف وإن نزل أبوها أي أنها قد تكون بنت الحفيد أو بنت ابن الحفيد مثلًا وذلك بشرط إنعدام الأولاد المباشرين للميت وبشرط عدم وجود أخ أو أخت لتلك البنت.
الأخت الشقيقة : من نفس الأب والأم ترث النصف بشرط إن لم يكن للميت أيّ أبناء أو أحفاد وإن نزل الفرع الوارث أكثر من ذلك ، وبشرط إن لم يكن لها شقيق أو شقيقة أيضًا ، وبشرط إن انعدم وجود الأصل الذكر وهم الأباء والأجداد وإن علا أكثر من ذلك.
الأخت لأب : ترث النصف من أبيها بشرط إن كانت منفردة وليس لها أي أشقاء ، وبشرط انعدام وجود نسل الميت من أبناء وأحفاد وإن نزلوا ، وبشرط انعدام وجود الأصل الذكري من آباء وأجداد وإن علا.
الربع : وهم على حالتين في الميراث :
الزوج : يرث الربع شرط إن كان لزوجته أبناء سواء منه أو من غيره.
الزوجة : ترث الربع شرط إن لم يكن لزوجها أي أبناء على الإطلاق.
الثمن : وهي حالة واحدة فقط تتمثل في أن ترث الزوجة
الثمن وذلك عند وجود الفرع الوارث لزوجها من الأبناء والأحفاد وإن نزل.
الثلثان : يشترط فيهما التعداد من اثنين فأكثر وهم على 4 حالات :-
البنتين فأكثر : بشرط عدم وجود المعصب من الإخوة الذكور.
بنتيّ الابن فأكثر : بشرط عدم وجود المعصب من جهة الأب و بشرط انعدام وجود الولد الصلب
الأختين الشقيقتين فأكثر : بشرط انعدام وجود العصبة من جهة الأب ، وبشرط انعدام وجود الأبناء والأحفاد وإن نزلوا ، وبشرط إنعدام وجود الأصل من الذكور مثل الأجداد وإن علوا.
الأختين لأب فأكثر : بشرط انعدام وجود الأشقاء مطلقًا ، وبشرط انعدام وجود العصبة ، وبشرط انعدام وجود الأبناء والأحفاد وإن نزلوا ، وبشرط إنعدام وجود الأصل من الذكور وإن علوا.
الثلث : وهم على حالتين في الميراث :-
الأم : بشرط إنعدام وجود الفرع الوارث من الأبناء والأحفاد وإن نزلوا ، وبشرط إنعدام وجود أخوين فأكثر سواء كانوا لأبوين أو لأب أو لأم ذكورًا كانوا أو إناثًا.
وجود أخوين لأم فأكثر : يستوي في ذلك الذكور والإناث فيتم تقسيم الثلث بينهم بالتساوي ويشترط لذلك انعدام وجود الفرع الوارث من الأبناء والأحفاد وإن نزلوا.
السدس : وهم على 7 حالات في الميراث :-
الأب : وذلك بشرط وجود الفرع الوارث من الأبناء والأحفاد وإن نزلوا فهم مقدمين على الأب لكن لا يتم حجبه بهم.
الأم : وذلك بشرط وجود الفرع الوارث من الأبناء والأحفاد وإن نزلوا ، وبشرط وجود اثنين من الإخوة فأكثر.
الجد : وهو أبو الأب ليس أبو الأم لأن الجد للأم يعتبر من ذوي الأرحام ، يرث السدس بشرط إنعدام وجود الأب مع وجود الفرع الوارث من الأبناء والأحفاد وإن نزلوا ، وحكم الجد في الميراث كحكم الأب إلا أنه لا يحجب الإخوة.
الجدة : وذلك بشرط انعدام وجود الأم لأن الأم تحجب وجود كل جدة وذلك سواء كانت تلك الجدة أم الأم أو أم الأب.
بنت الابن : ترث السدس إن كانت هناك بنت من الفرع الوارث مباشرة أي إن تم إيجاد عمة لها.
الأخت لأب : ترث السدس إن كانت هناك أخت شقيقة لها.
الأخ لأم : يرث السدس ذكرًا كان أم أنثى بشرط عدم وجود الفرع الوارث من الأبناء والأحفاد وإن نزلوا ، وبشرط عدم وجود الأصل الذكر من الأباء والأجداد وإن علوا.
ثانيًا ذوي العصبة:
هم قرابة الأب ، وهم من يرثون نسبًا غير مقدرة بعد أصحاب الفروض وهم على 3 أقسام في أحكام الميراث :-
العصبة بالنفس : وهم الأقرباء الذكور فقط وإن علوا أو نزلوا في النسب سواء كانوا أبناء و أحفاد أو آباء وأجداد أوإخوة أشقاء و غير أشقاء أو أبناء إخوة أشقاء و غير أشقاء أو أعمام أشقاء وغير أشقاء أو أبناء الأعمام ويزيد عليهم المُعْتِقَة فهي عُصْبة بنفسها ، أما عن الإرث فهم يرثون حسب درجاتهم في العصوبة من المتوفي أيّ طبقًا لمبدأ الأقرب فالأقرب.
العصبة بالغير : هي كل أنثى لها عاصب بالنفس من الذكور من نفس درجة قرابتها ، ويتم احتساب للذكر مثل حظ الأنثيين في تلك الحالة وهي مثل البنت مع أخيها وبنت الابن مع أخيها والأخت الشقيقة مع أخيها الشقيق والأخت لأب مع الأخ لأب.
العصبة مع الغير : وهي كل أنثى تصير العُصبة مع أنثى غيرها مثل الأخت لأب أو الأخت الشقيقة ترث بالتعصيب إذا كان هنالك بنت أخيها أو بنت لابن أخيها ، ومثل البنت ترث مع وجود أخيها وهكذا.
ثالثًا ذوي الأرحام:
قال تعالى : (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالًا ونساءًا فللذكر مثل حظ الأنثيين يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شئ عليم [176]) "سورة النساء".
ذوي الأرحام : هم أهل القرابة للميت ولكنهم ليسوا من ذوي الفروض المقدرة ولا من ذوي العصبة ، ولا يرث قرابة ذوي الأرحام إلا بشرطين أولًا انعدام وجود أحد من أصحاب الفروض وثانيًا انعدام وجود أحد من ذوي العصبة.
أما عن ذوي الأرحام فهم :-
1. أبناء البنات وأبناء بنات الأبناء الذكور وإن نزلوا.
2. أولاد الأخوات وبنات الإخوة سواء كانوا إخوة لأبوين أو إخوة لأب أو إخوة لأم فقط.
3. أبناء الإخوة لأم والعمات مطلقًا والعم للأم والعم للأب والعم للجد.
4. بنات الأعمام وبنات أبناء الأعمام الذكور.
5. الأخوال والخالات مطلقًا.
6. الجد من قبل الأم وإن علا .
7.الجدة المُدلية لأب الأم.
8.الجدة المُدلية بأب أعلى من الجد.
وكل من كان له من الفروع التي ذكرناها وارث مثل : ابن العمة وابن الخال وخالة الخال.
من الذي يرث ؟ (Who will inherit):
يرث من الذكور :-
الابن وابن الابن وإن نزلوا.
الزوج.
الجد من جهة الأب وإن علا.
الأخ سواء كان شقيق أو من جهة الأب أو من جهة الأم.
أبناء الأخ مطلقًا سواء كان الأخ شقيق أو من جهة الأب أو من جهة الأم.
العم وابن العم.
المعْتِقْ أي صاحب الولاء.
يرث من الإناث :-
البنت وبنت الابن وإن نزل.
الزوجة.
الأم.
الجدة.
الأخت.
صاحبة الولاء أي المُعْتِقَة.
من الذي لا يرث ؟ (Who does not inherit):
القاتل الذي قتل مُوَرِثُه عمدا فإنه لا يَرِثْ منه.
العبد لا يرث ، فمن شروط الإرث الحرية.
اختلاف الدين ، فالمسلم لا يرث الكافر.
القتل في أحكام الإرث (Murder in terms of inheritance):
القتل دفاعًا عن النفس أو القتل قصاصًا أو القتل لإقامة حدود الله فهذا لا يمنع الإرث.
القتل العمد : لا يرث القاتل هنا لأن من استعجل الشئ قبل أوانه من ميراث وأموال عوقب بحرمانه.
القتل شبه العمد والقتل الخطأ والقتل السببي : لا يرث القاتل هنا أيضًا حفظًا لحرمة الدماء وسدًأ للذريعة .
ختامًا - أيها القارئ - هل رأيت رحمة الله تعالى تتجلى بين سطور التشريعات الربانية ؟ ، ولكن العجب كل العجب أننا في القرن الحادي والعشرين ولا يزال فئة من الناس يعملون بمبدأ الجاهلية الأولى في أكل حقوق المستحقين من الأموال خاصة النساء وذلك من مُنطلق هذا ما وجدنا عليه آبائنا وتلك عاداتنا وتقاليدنا ، ويكأنهم لم يفقهوا القرآن بعد ألف وربعمائة سنة ! ، أو في آذانهم وقرًا فزادهم الله وقرًا!.
الكلمات المفتاحية (Keywords):
Inheritance in Islam, What is Inheritance ?, pillars of legacy, Reasons for entitlement to inheritance, Division of inheritance according to Islamic law,Who will inherit ?, Who does not inherit ?,Murder in terms of inheritance.
الميراث في الإسلام، ما هو الميراث ؟، أركان الإرث، أسباب استحقاق الإرث، تقسيم الإرث وفق الشريعة الإسلامية، أصحاب الفروض، ذوي العُصبة، ذوي الأرحام، من الذي يرث ؟، من الذي لا يرث ؟، القتل في أحكام الإرث.
المصادر (References):
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%81%D8%B1%D9%88%D8%B6_%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B1%D8%AB
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B5%D8%A8%D8%A7%D8%AA