عليّ بن أبي طالب رضيَّ الله عنه
(Ali bin Abi Talib)
مُحَمَدٌ النَّبيُّ أَخي وَصِهري وَحَمزَةُ سَيِّدِ الشُهداءِ عَمّي
وَجَعفَرٌ الَّذي يُضحي وَيُمسي يَطيرُ مَعَ المَلائِكَةِ اِبنَ أُمّي
وَبِنتُ مُحَمَّدٍ سَكَني وَعُرسي مَشوبٌ لَحمُها بِدَمي وَلَحمي
وَسبطا أَحمَدٌ وَلَداي مِنها فَمَن منكم لَهُ سَهمٌ كَسَهمي
لا أحد ؛ فمن هو رابع الخلفاء الراشدين أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضيَّ الله عنه ؟!
نَسبه:-
هو عليّ بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤيّ بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
وُلِد رضي الله عنه في مكة لِـ ثلاث وعشرين سنة خلت قبيل الهجرة النبوية؛ أيّ بُعَيد عام الفيل بثلاثين عامًا، أمّا عن والدته فهي فاطمة بنت أسد رضي الله عنها، نشأ عليّ رضي الله عنه في بيت أبي طالب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وقد كان أصغر أبناء أبي طالب فكفلَه رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتِه مع السيدة خديجة رضي الله عنها.
عليّ رضيّ الله عنه في العهد النبوي(Ali in the era of the Prophet):-
هو أول من أسلم من الصبيان رضي الله عنه عند أغلب العلماء كما أن أبو بكر رضي الله عنه هو أول من أسلم من الرجال.
شارك عليّ رضي الله عنه في جُلّ الأحداث من بداية الدعوة السرية في مكة ووصولًا إلى يوم وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة؛ فلم يهاجر عليّ إلى الحبشة وحضر حصار شِعب بني هاشم الذي فرضته قريش على المسلمين لِـ ثلاث سنوات مع أبيه وأغلب بني هاشم من المؤمنين والمشركين.
وما إن تآمر المشركين على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفريق دمه بين القبائل؛ أظهر الله تعالى أمرهم بين يديه وطلب رسول الله من عليّ رضي الله عنه المبيت في فراشِه ليلة الهجرة المباركة وأن يضع عليهِ بُرْدَهُ الأخضر، فُحمى عليّ رضي الله عنه رسول الله من كيد المشركين وبقى في مكة ثلاث ليال يؤدي الأمانات إلى أهلها حتى لحق برسول الله صلى عليه وسلم وصحبِهْ في المدينة المنورة.
كان عليّ رضي الله عنه أحد كُتَّاب الوحي الذين دونوا القرآن أيام النبيّ صلى الله عليه وسلم وأحد كُتَّاب النبيّ صلى الله عليه وسلم فهو من وثقّ ودون صلح الحديبية على سبيل المثال، كما أنه من الصحابة الذين رضى الله عنهم بشهادتِهم لبيعة الرضوان، وقد أسلم على يديه قبيلة همدان في اليمن حينما ولاّه رسول الله صلى الله عليه وسلم قضائها في العام الثامن من الهجرة.
وما إن وصلت السيدة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سن الزوج حتى تقدّم العديد من الصحابة لِخِطبتِها؛ فردّهم رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعًا وزوجها من عليّ رضي الله عنه في العام الثاني من الهجرة؛ ورُزِقا بِـ الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وزينب وأم كلثوم؛ وأم كلثوم رضي الله عنها هي التي تزوجها عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيما بعد.
شارك عليّ رضيّ الله عنه في جميع الغزوات إلا غزوة تبوك حيث استخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة المنورة آنذاك؛ وقد تكلم المنافقون أن رسول الله استبقى عليًا أيام تبوك لِثقلِهِ عليه فذهب عليّ رضي الله عنه ليلتحق بجيش المسلمين فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أَنْتَ مِنِّي بمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِن مُوسَى، إِلَّا أنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِي). (رواه مُسلم).
عليّ رضي الله عنه خلال عهد الصِدِّيق (Ali during the era of Abu Bakr):-
كانت مدة خلافة الصديق رضي الله عنه عامين أبرز ما جاء فيهما كان إنفاذ بعث أسامة بن زيد رضي الله عنه إلى الروم والتي أوصى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته ثم حرب المرتدين.
ويكأن قريش التي كانت بالأمس تُشرِك مع الله آلهةً أخرى في العبادة اندثر الشرك بينها، وأثناء حياة رسول الله ظهر المتنبئين الكذبة كَـ مُسيلمة الذي مات كافرًا وأخذ معه جُلّ قبيلته إلى الهلاك وطُليحة الأسدي الذي تاب عما بدر منه وأبلى مع المسلمين بلاءًا حسنًا في خلافة الفاروق رضي الله عنه، ثم ظهر لبعض القبائل حديثة العهد بالإسلام أن تؤمن ببعض الكتاب وتكفر ببعض؛ كأنهم يُصلون الفريضة ولا يُزَّكوا أموالهم شهوةً للمال، فأبى الصديق رضى الله عنه إلا أن يُقاتِل بين من فرّق بين الصلاة والزكاة وهمَّ بالخروج لِلقائِهِم بنفسِه فرفض الصحابة ومنهم عليًا رضي الله عنه حتى لا يُفجًع المسلمون بالصديق فلا تقوم لهم قائمة، وأشاروا عليه بأن يُسيِّر لهم الجيوش عليها القادة الأكفاء حتى طَهُرَت جزيرة العرب من الرِدّة وعادت وحدة المسلمين.
استبقى أبو بكر الصديق رضيّ الله عنه نفرًا من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة ومنعهم من الخروج للغزو مع الجيوش المُسيَّرة للفتوحات الإسلامية فهم بمثابة مستشارين ووزراء وقضاة الدولة ومِن أبرزهم: عمر وعثمان وعليّ وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص وعبدالرحمن بن عوف وغيرهِم.
عليّ رضي الله عنه خلال عهد الفاروق (Ali during the era of Omar bin Al-Khattab):-
استمر مجلس شورى المسلمين في عهد عمر الفاروق رضي الله عنه كما كان في عهد الصديق رضيّ الله عنه، وعندما استشار عمر الصحابة عن من أين يبدأ تقويم المسلمين؟ أشار عليه عليّ رضي الله عنه أن يبدأ التقويم من بداية الهجرة النبوية للمدينة المنورة، وعندما أصر رهبان بيت المقدس على تسليم مفاتيحِه إلى عمر رضي الله عنه نفسه استشار الصحابة فأشار عليه عليّ بالذهاب واستخلًفهُ عمر على المدينة المنورة حينها.
ويُنسب لعمر رضي الله عنه قوله: (لولا عليّ لهلك عمر)، وقوله: (أعوذ بالله أن أعيش في قوم لست فيهم يا أبا الحسن).
ولمَّا طُعِنَ عمر رضي الله عنه جعل خلافة المسلمين شورى بين ستة من الصحابة من العشرة المبشرين بالجنة الذين توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ وهم: عثمان وعليّ وطلحة والزبير و سعد وعبد الرحمن بن عوف، ورغم أن سعيد بن زيد رضي الله عنه منهم وهو صهره إلا أنَّه أخرجه من بينِهم كي لا يؤول الأمر حياءًا إلى بني عديّ مرة أخرى.
علي رضيّ الله عنه خلال عهد ذي النورين (Ali during the era of Uthman bin Affan):-
استمر عليّ رضي الله عنه في مجلس شورى المسلمين أيام خلافة عثمان رضيّ الله عنه التي ناهزت الثلاث عشر عامًا، وكان له رأيّ فصل في جمع المسلمين على قراءة واحدة للقرآن الكريم وهو الذي لا يزال بين يدينا ما يُعرَفْ بالرسم العثماني للمصحف.
وفي أثناء الفتنة التي حدثت خلال الخمس سنوات الأخيرة من حكم عثمان رضي الله عنه خَذَّل عليّ رضي الله عنه أهل الفتنة عنه كثيرًا وجادلهم بِالتي هي أحسن، وعندما حاصر المنافقين دار عثمان رضي الله عنه أربعين يومًا قبيل استشهادِه ومنعوا عنه الطعام والشراب أتاه عليًا رضي الله عنه مُعتمِرًا بِعمامة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومُشهِرًا سيفه مع ابنيّه الحسن والحسين ونفرًا من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأدخلوا له الماء وأرادوا الدفاع عنه؛ ولكن عثمان رضي الله عنه أبى إراقة دم المسلمين فأرسلهم عنه.
خلافة عليّ رضي الله عنه (The Caliphate of Ali bin Abi Talib):-
ما إن استشهد عثمان رضيّ الله عنه غدرًا حتى أتى أهل المدينة فبايعوا عليًا رضي الله عنه بالإجماع على الخلافة ولم يكن يومها على الأرض من هو أحقّ منه بالخلافة؛ وقد بايعهم عليّ رضيّ الله عنه مُكرهًا خشية حدوث شقاق بين المسلمين.
كان الشقاق الذي حدث بين المسلمين حول القصاص من قتلة عثمان رضي الله عنه ومُبايعة عليّ رضيّ الله عنه بالخلافة هو السائد في ذلك الوقت (راجع مقالتنا عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه (Muawiyah bin Abi Sufyan)
)؛ ونتيجةً لذلك أُريق دم الكثير من المسلمين وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كَـ: عمّار بن ياسر الذي قتلته الفئة الباغية والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله رضوان الله عليهِم.
ظهرت الفرق الضالة منذ زمن عليّ بعد أن كانوا في أقبيتِهم المظلمة ينتظرون اللحظة المواتية للانشقاق عن وحدة الصف الإسلامي؛ فظهر الخوارج الذين خرجوا على عليًا رضي الله عنه، والشيعة الذين غالوا في عليًا رضي الله عنه وآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يؤدِبهم ويُعزِّرهم وأمر بإحراقِهم بالنار أولًا حتى نهاهُ ابن عباس رضي الله عنه عن تعزيرِهم بعذاب الله؛ فأمر عليّ بقتل من يسُب شيخيّ أهل الجنة أبابكر وعمر ويُغالي في عليّ وآل بيت رسول الله.
توقفت فترة الفتوحات الإسلامية في عهد عليّ رضي الله عنه لانشغال المسلمين بالفتن الداخلية، ولكن عليّ رضي الله عنه وطدّ أمور البلاد وانشغل بتسيير أمور البلاد والعباد فحرص على بناء المساجد والحصون وتمهيد الطرقات وممرات المياه؛ بالإضافة إلى حرصه رضي الله عنه على مال المسلمين فاتبع نهج أبي بكر رضي الله عنه في المساواة في الإنفاق بين الجميع، وفرض الأمن على العباد وعلى رعاية مؤسسات الدولة، واهتم رضي الله عنه بالقضاء والنظر في مظاليم الناس، ويُنسَب لِـ عليّ رضيّ الله عنه إقراره بوضعه لِأُسس اللغة العربية وعلم النحو فهو من جعل أبو الأسود الدؤلي يشرع في ذلك.
استشهاد عليّ رضي الله عنه (Martyrdom of ALi bin Abi Talib):-
في إحدى الليالي الرمضانية اتفق ثلاثة من الخوارج مع الشيطان على قتل عليّ بن أبي طالب و معاوية بن أبي سُفيان وعمرو بن العاص رضوان الله عليهِم؛ فكان استشهاد عليّ رضي الله عنه في صلاة فجر يوم 21 من رمضان للعام الأربعين من الهجرة على يد الشقيّ البغيّ عبدالرحمن بن مُلجِم الذي بشره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنار، أما معاوية رضي الله عنه فقد أصيب، واختلف القاتل الذي أُرسِل إلى عمرو رضي الله عنه فيه فاستشهد خارجة بن حذافة رضي الله عنه الذي خرج يؤم المسلمين في صلاة الفجر لِعلةِ أصابت عمرو يومها.
وسأل المسلمون عليًا رضي الله عنه أن يُسمي لهم خليفة فأبى قائلًا أنها شورى بين المسلمين؛ فَـلمّا سألوه تولية الحسن رضي الله عنه أخبرهم قائلًا: (لا آمركم ولا أنهاكم)، وما إن تولى الحسن الخلافة حتى تنازل عنها بعد ستة أشهر على شروطٍ لصالح معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه.
الكلمات المفتاحية (Keywords):-
Islam, Mohamed may God bless him and grant him peace, Companions of the Messenger of God, The family of the Messenger of God, The writers of revelation, Abu Bakr Al-Siddiq, Omar bin Al-Khattab, Uthman bin Affan, Ali bin Abi Talib,
Ali in the era of The Prophet, Ali during the era of Abu Bakr, Ali during the era of Omar bin Al-Khattab, Ali during the era of Uthman bin Affan, The Caliphate of Ali bin Abi Talib, The dispute between Ali and Muawiyah, Martyrdom of ALi bin Abi Talib, Al- Hasan bin Ali, Muawiyah bin Abi Sufyan, Amr ibn al-Aas.
الإسلام، محمد صلى الله عليه وسلم، صحابة رسول الله، آل بيت رسول الله، كُتَّاب الوحيّ، أبو بكر الصديق رضي الله عنه، عمر بن الخطاب رضيَّ الله عنه، عثمان بن عفَّان رضي الله عنه، علي بن أبي طالب رضيّ الله عنه، عليّ رضيّ الله عنه في العهد النبوي، عليّ رضيّ الله عنه خلال عهد الصديق، عليّ رضي الله عنه خلال عهد الفاروق، عليّ رضيّ الله عنه خلال عهد ذي النورين، خلافة عليّ رضيّ الله عنه، الخلاف بين عليّ ومعاوية رضي الله عنهما، استشهاد عليّ رضيّ الله عنه، الحسن بن عليّ رضيّ الله عنه، معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، عمرو بن العاص رضي الله عنه.